فصل: أفضل أوقات الوتر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل:

كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد معتدلة.
إنْ أطال القيام أطال الركوع والسجود، وإن خفف القيام خفف الركوع والسجود، وهذا أفضل ما يكون.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحمل كثيراً في العبادة، ويتلذذ بها، ويفرح بمناجاة ربه، ولا يمل من عبادة ربه، ويطيل الصلاة حتى تفطرت قدماه، وكانت الصلاة فرضها ونفلها قرة عينه، وبها يرتاح.
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَكَلَّفُ هَذَا؟ وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً». متفق عليه.
وَعَنْ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ المُنَادِي لِلصَّلاَةِ. أخرجه البخاري.
وَعَنْ أَنَسٍ َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ». أخرجه أحمد والنسائي.
وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبي الجَعْدِ َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ قَالَ مِسْعَرٌ-أُرَاهُ مِنْ خُزَاعَةَ-: لَيْتَنِي صَلَّيْتُ فَاسْتَرَحْتُ فَكَأَنَّهُمْ عَابُوا عَلَيْهِ ذلِكَ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «يَا بلاَلُ أَقِمِ الصَّلاَةَ أَرِحْنَا بهَا». أخرجه أحمد وأبو داود.
أما أمته صلى الله عليه وسلم فالأفضل في حقهم القصد، وعدم التطويل الذي يشق عليهم، حتى لا يملوا، أو يسأموا، أو يفتروا عن العبادة، حيث قال لهم ما يلي:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْراً أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: «خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». وَأحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. متفق عليه.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ رَسُولَ قَالَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أنْ لَنْ يُدْخِلَ أحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأنَّ أحَبَّ الأعْمَالِ إِلَى الله أدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ». متفق عليه.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «لَنْ يُنَجِّيَ أحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ». قَالُوا: وَلا أنْتَ يَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَلا أنَا، إِلا أنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا». متفق عليه.

.3- صلاة الوتر:

الوتر: هو الذي لا شفع له.
والوتر هو الركعة المنفصلة عما قبلها، ويطلق على الثلاث والخمس ونحوهما إذا جُمعن بسلام واحد.

.حكمة مشروعية الوتر:

الله عز وجل وتر يحب الوتر، فكما أن صلاة المغرب وتر ختم بها صلوات النهار، فكذلك صلاة الوتر جعلها الله خاتمة لصلوات الليل.
وسنة الفجر والوتر كلاهما مؤكد، فسنة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر خاتمته، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الفجر والوتر بسورتي الإخلاص، وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل، وتوحيد المعرفة والإرادة.

.حكم صلاة الوتر:

صلاة الوتر سنة مؤكدة في الحضر والسفر.
عَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بثلاَثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ». أخرجه أبو داود والنسائي.
وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ أَعْرَابِيّاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقال: يَا رَسُولَ الله، أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ، فَقال: «الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إِلا أنْ تَطَّوَّعَ شَيْئاً». متفق عليه.

.فضل الوتر:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ لِلهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ». متفق عليه.
وَعَنْ أَبِي بَصْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الوِتْرُ فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ العِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الفَجْرِ». أخرجه أحمد.

.وقت صلاة الوتر:

وقت صلاة الوتر وقت طويل واسع.. ويمتد من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني.. سواء صلى المسلم العشاء في وقتها، أو مجموعة مع المغرب جمع تقديم.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ (وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ العَتَمَةَ) إِلَى الفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. أخرجه مسلم.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أوْتَرَ رَسُولُ فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ. متفق عليه.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ». متفق عليه.

.أفضل أوقات الوتر:

الوتر آخر الليل أفضل لمن وثق بالاستيقاظ آخر الليل؛ لأنه وقت نزول الرب إلى السماء الدنيا، ولأن صلاة آخر الليل مشهودة.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». متفق عليه.
وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ». أخرجه مسلم.
والوتر أول الليل قبل النوم أفضل لمن ظن أنه لا يستيقظ آخر الليل لعذر من مرض، أو سفر، أو تعب ونحو ذلك.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ: «مَنْ خَافَ أنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أفْضَلُ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاثٍ: «صِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأنْ أوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ». متفق عليه.
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله أَنَّ رَسُولَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَتَى تُوتِرُ؟» قَالَ: أَوَّلَ اللَّيْلِ بَعْدَ العَتَمَةِ قَالَ: «فَأَنْتَ يَا عُمَرُ؟» قَالَ: آخِرَ اللَّيْلِ قَالَ: «أَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَأَخَذْتَ بِالثِّقَةِ وَأَمَّا أَنْتَ يَا عُمَرُ فَأَخَذْتَ بِالقُوَّةِ» أخرجه أحمد وابن ماجه.

.أقل الوتر وأكثره:

أقل الوتر ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات بسلامين، أو سلام واحد في آخرها.

.صفات الوتر الثابتة في السنة:

صلاة الوتر جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم بصفات متعددة، وركعات مختلفة.
وصلاة الوتر تختلف في الهيئة والعدد بحسب اختلاف الأحوال والأشخاص كما يلي:
الأولى: أن يصليها ثلاث عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَتْ صَلاَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يَعْنِي بِاللَّيْلِ. متفق عليه.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: لأرْمُقَنَّ صَلاةَ رَسُولِ اللَّيْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، طَوِيلَتَيْنِ، طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أوْتَرَ، فَذَلِكَ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه مسلم.
الثانية: ثلاث عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر من ذلك بخمس سرداً.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلا فِي آخِرِهَا. أخرجه مسلم.
الثالثة: إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ العَتَمَةَ إِلَى الفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. متفق عليه.
الرابعة: إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً ثم يسلم، ثم يصلي أربعاً ثم يسلم، ثم يوتر بثلاث ركعات.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثاً. متفق عليه.
الخامسة: تسع ركعات سرداً، يجلس في الثامنة للذكر والدعاء ولا يسلم، ثم يقوم للتاسعة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّها سُئِلتْ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ فَقَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ، لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيماً يُسْمِعُنَا. ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا سَنَّ نَبِيُّ وَأخَذَهُ اللَّحْمُ، أوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ الأوَّلِ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنيَّ. أخرجه مسلم.
السادسة: سبع ركعات لا يجلس إلا في آخرهن، وأحياناً يجلس في السادسة للذكر والدعاء ولا يسلم، ثم يأتي بالسابعة ويسلم.
عَنْ سَعْدَ بْنَ هِشَام رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سَألَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها عَنْ وِتْرِ رَسُولِ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا سَنَّ نَبِيُّ وَأخَذَهُ اللَّحْمُ، أوْتَرَ بِسَبْعٍ. أخرجه مسلم.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ يُوتِرُ بخَمْسٍ وَبسَبْعٍ لاَ يَفْصِلُ بَيْنَهَا بسَلاَمٍ وَلاَ بكَلاَمٍ. أخرجه النسائي وابن ماجه.
السابعة: خمس ركعات لا يجلس إلا في آخرهن.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلا فِي آخِرِهَا. أخرجه مسلم.
وَعَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بثلاَثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ». أخرجه أبو داود والنسائي.
الثامنة: ثلاث ركعات، يسلم من ركعتين، ثم يوتر بواحدة، وهذا هو الأفضل لمن صلى ثلاثاً، وهي أدنى الكمال.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ يَفْصِلُ بَيْنَ الوَتْرِ وَالشَّفْعِ بِتَسْلِيمَةٍ وَيُسْمِعُنَاهَا. أخرجه أحمد وابن حبان.
التاسعة: ثلاث ركعات سرداً، ولا يجلس إلا في آخرهن.
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ يَقْرَأُ فِي الوِتْرِ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَفِي الرَّكْعَةِ الثانِيَةِ بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثالِثةِ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ فِي آخِرِهِنَّ، وَيَقُولُ-يَعْنِي بَعْدَ التَّسْلِيمِ-: «سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ». أخرجه النسائي.
وَعَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بثلاَثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ». أخرجه أبو داود والنسائي.
العاشرة: ركعة واحدة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رَسُولُ: «الوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم.
وَعَنْ أَبي أَيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بسَبْعٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بخَمْسٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بثلاَثٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بوَاحِدَةٍ». أخرجه النسائي وابن ماجه.
هذه صفات الوتر المشروعة.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة، ويداوم على الأفضل منها.

.أفضل صلاة الوتر:

أفضل صلاة الوتر أن يصلي المسلم إحدى عشرة ركعة، وهذا هو الهدي الراتب للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي أصح الروايات وأقواها وأكثرها.
وأحياناً يصلي ثلاث عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات.

.ما يقرأ المسلم في صلاة الوتر:

السنة لمن أوتر بثلاث أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسورة [الأعلى]، وفي الثانية بسورة [الكافرون]، وفي الثالثة بسورة [الإخلاص]، وله أحياناً أن يقرأ بغيرها مما تيسر من القرآن.
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ يَقْرَأُ فِي الوِتْرِ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَفِي الرَّكْعَةِ الثانِيَةِ بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثالِثةِ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ فِي آخِرِهِنَّ. أخرجه النسائي وابن ماجه.

.حكم القنوت في الوتر:

القنوت: هو الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام، قبل الركوع أو بعده.
والقنوت في صلاة الوتر مَنْ شاء فعله، ومن شاء تركه.
والقنوت في الوتر لم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا من قوله ولا من فعله، لكن له أن يقنت أحياناً لفعل بعض الصحابة رضي الله عنهم، وليكن الترك أكثر من الفعل.

.محل القنوت في الصلاة:

القنوت قبل الركوع هو إطالة القيام في الصلاة للقراءة، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ». أخرجه مسلم.
القنوت عند النوازل يكون بعد الركوع، وأحياناً قبل الركوع، وقد قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً، يقنت في الفرائض، يدعو على قوم، ويدعو لقوم.
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ كَانَ يُوتِرُ فَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ. أخرجه النسائي وابن ماجه.
وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ قَنَتَ شَهْراً بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلاةِ الفَجْرِ، يَدْعُو عَلَى بَنِي عُصَيَّةَ. أخرجه مسلم.
وَعَنْ مُحَمَّدِ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ: أَقَنَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الصُّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقِيلَ لَهُ: أَوَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيراً. متفق عليه.
دعاء القنوت في الوتر يجوز قبل الركوع، ويجوز بعد الركوع، والقنوت بعد الركوع أفضل وأقيس.

.ما يقال من الدعاء في قنوت الوتر:

السنة أن يرفع الداعي يديه بعد الرفع من الركوع، وأحياناً قبله ثم يبدأ بحمد الله والثناء عليه وتمجيده، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يختار من الأدعية المشروعة في الكتاب والسنة.
عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْراً». أخرجه أبو داود والترمذي.
وَعَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعَ رَسُولُ رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ: «عَجِلَ هَذا». ثمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بتَمْجِيدِ رَبهِ جَلَّ وَعَزَّ وَالثنَاءِ عَلَيْهِ ثمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ يَدْعُو بَعْدُ بمَا شَاءَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
السنة أن يدعو بأي دعاء مشروع، ليس فيه تكلف ولا سجع، ولا تلحين ولا اعتداء، ويدعو بما شاء مما ورد، ومنه:
«اللهمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
ويستفتح أحياناً قنوته بما ثبت عن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وهو: «اللهمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّى وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ بِالكَافِرِينَ مُلْحَقٌ، اللهمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِى عَلَيْكَ الخَيْرَ وَلاَ نَكْفُرُكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعُ مَنْ يَكْفُرُكَ». أخرجه البيهقي.
وله أن يزيد من الأدعية مما ثبت ولا يطيل، ومنها:
«اللهمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ». أخرجه مسلم.
«اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْل، ِ وَالهَرَمِ وَعَذَابِ القَبْرِ، اللهمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا». أخرجه مسلم.
ثم يقول في آخر وتره: «اللهمَّ إِنِّي أَعُوذ برِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذ بكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِي ثنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر قنوت الوتر، ولا يمسح وجهه بيديه بعد الفراغ من الدعاء؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، لا في القنوت ولا في غيره، لا داخل الصلاة ولا خارجها.